لمـاذا نؤمـن بما نـؤمـن بـه ؟

بماذا نحن نؤمن ؟

في كتابة خطابات إلي أميرة ألمانيا يفرق العالم الرياضي ليوناردو أويله بين ثلاث أنواع من الحقائق :

1- الأشياء التي نؤمن بها لأننا أدركناها ذاتيا .

2- الأشياء التى نؤمن بها لأننا استنتجناها بعد تفكـير عميق .

3- الأشياء التى نؤمن بها لأن إنسانا أخر قالها لنا .

لماذا نؤمن بما نؤمن به ؟

عصر التنوير

كان هذا التفريق منتشرا جدا في عصـر التنويـر فالإنسان يعرف أن شيئا ما حقيقة أذا ماراي أوسمع أو شعر به شخصيا . فإن التفـكير الذاتي جميل . بعكس القناعات من النوع الثالث فـأن الأشياء التي يؤمن بها المرء لأن الآخرين قالوها فهي قناعات ضعيفة ويمكن مهاجـمتها بناء علي هذه الخلـفية .

إنـه من الغريب أن معظـم القناعات التى لدينا ليست من النـوع الأول ولا من النـوع الثاني وأنما هى من النوع الثالث .. فنـحن نؤمـن بالغالبية العظمي مـن الأشـياء . ليس لأننا اختارنها أورأيناها وإنما لأن أحدا قالها لـنا .

ومن هـنا يمكن للمرء دون مبالغه كبيرة أن يقول إن صـورتنا عن العالم تعتمد على ما نسمعه من أقـوال فالطفل لدينا يثق مبـكرا جدا في ما يقـوله والـداه ثم ما يقوله أسـتاذ المدرسة ، ثم أسـتاذ الجامـعة ثـم الجريدة اليومية وفي الكبر يعلــن الكثيرون أنهم

لم يصدقـوا أحد .

وهذا يمكن أن يقال أن البندول يتحرك في الاتجاه العكسي . ويبدو الأمر في حد ذاته معـقولا إذا ما وثق المرء في أخرين وغالبا لا توجد بدائـل لذلك ويمكن التعـرف بسهولة علي قيمة شيء ما بأن تمتحن من يحكيه .

ويمكن للمرء أن يحاول قاصدا إلحاق رأيه الخاص بصحبة طيبة وهذا يعـنى أن يربطـها بأشخاص أو مؤسسات يثــق فيها وفي صناعة الإعـلانـات يتحدث المرء عن ما يسمي Testimonials أي خطاب التذكية .

فأذا أعلـن أناس مشهورون عن منتج معين بالطبع لابد من أن تكون العِلاقة بين هؤلاء الأشخاص والمنتج مشجعة . فليس كـل إنسان مناسبا لما يقــول .

كما أن كلا منا يعرف أناسا يقـدر أراءهم ويحـترم فكـرهم ويـوجد أناسا آخـرين لا يـريد أغلبنـا أن يكون له شأن ما بآرائهم وكما يقـدر الـرأي الذى يأتي من الصحبة الطيبة يحـط من قيـمة رأي ما إذا جـاء من صحبة سيئـة .

عالم الرياضيات ليونارد أوليه

طـور في القـرن الثامن عشر منهجا مفيـدا لشرح البنـيات المنطـقية بواسـطة الـرسـوم

فقد شرح في خطابات إلي أميرة ألمانيا مباديء منطـق أرسـطو طاليس بطريقة لا تضارع في وضوحها حيث رسم دوائــر لتصوير ألاستنتاجات المنطقية . فما يبرهن عليه المنطقيون يبذل جـهدا كبير فهو يحوله إلي صور وهذا يصبح تسـهيل جوهري

فالمنـطق الأرسـطي يهـتم بالسـؤال عن الكيفية التي يستطيع المرء أن يصل بواسطة المقولات المعطاة إلي مقـولة جديـدة فالمقـولة إذن تـؤكد شيئا أو تنفـية .

تحت كلمة مقـولة يفهم المرء جملة يعطى فيها ما يسمى بالمبتدأ والخبر. ويبدو أن منهج ليونارد أوليـه في إيضاح العلاقات المنطقـية بواسـطة الدوائـر .

جميعنا نعرف أناسا نقدر ونحترم آرائهم ونسميهم بالصحبة الطيبة . وكذلك بوجود أخرين نبتعد عن آرائهم ولا توجد صله بيننا وبين أراءهم وتسمي بالصحبة السيئة

يستطيع الإنسان أن يحاول إلحاق رأيه الخاص بصحبة طيبة بمعني أن يربط أراءه بأشخاص أو مؤسسات يثق فيها لسهولة أقناع الآخر بإرادة كما يحدث في صناعة الإعلانات .

أقرأ أيضا > فكر بنفسك سقراط الفلسفة أستفزاز

أعمال الفكر

رغْم كل التنوير الفكري التي حصلنا عليه إلا أننا أذا قارنا بين جيلنا وجيل أجدادنا قبل ثلاث قرون قد نؤمن بأن معظم معرفتنا وقناعتنا بما نعرفه عن طريق السمع فقط وهذا يدل علي أن القناعات من النوع الثالث هي اكثر شيوعا بين الناس

وكان حلم التنوير لعقولنا أن تلغي هذه القناعات وأن يفكر الشخص ذاتيا أو عن طريق اكتساب الخبرات .

لُعْبَة البريد الصامت

1- أذهب إلي البد روم وأبحث في صناديق الأشياء المنسية عن الشيء الأكثر غرابة أو تَذْكار لرحلة أو بقايا ذكريات .

2- أرسم تخطيطا لذكرياتك .

3- أعرض هذا الرسم التخطيطي علي صديق ثم اطويه وأطلب منه أن يعيد هذا الرسم من ذاكرته مرة آخري .

4- خذ الرسم الجديد وأذهب به لشخص آخر وأطلب منه أن يرسمه أيضا من الذاكرة .

5- كرر هذا الأمر لعدد من الأصدقاء .

ترتبط هذه اللعبة بتجربة العالم النفسي فريدريك بارليت الذي كان يريد أن يعرف ماذا

يبقي من المعلومات أو من الصور عندما تمر علي الكثير من الناس

والنتيجة كانت أن توجد نوع من التيسير حيث تفقد عده تفاصيل ولا يبقي غير نموذج تخطيطي يتناسب مع التفكير والرؤية لدي الجماعة . ولكنها تفاصيل ما زالت ناقصة وتفاصيل أخري مضافة وهي تفاصيل التي تناسب الصياغة الشخصية لكل فرد تجعلها واضحة ومتناسقة وذات معني حقيقي .

النظر تدقيق النظر باستمرار يعني أن الإنسان يحمل ما يراه علي محمل الجِدّ ولا يستطيع تجاهله وهذا الأمر ليس بديهيا كما يبدو ولكن توجد نماذج للرؤية لا يمكن تجاهلها كلما جاءت الجملة شاملة كلما كانت واضحة المعني .

أشكركم علي حسن المتابعة متابعيني الكرام .

أقرأ أيضا > أي قاريء أكون
أقرأ أيضا > دع القلق وابدأ بالحياة